أول مرة بفوت على مدرسة فتت كمتضررة من الزلزال

يا 15 يا 16 ما بعرف عمري وأول مرة بفوت على مدرسة فتت كمتضررة من الزلزال.. عن الفتاة “ج” وكارثة أخرى

“أنا بدي بس حدا يدلني حدا يقبل يعلمني بحياتي مو فايتة مدرسة إلا هلق وفتت إيواء”، كلمات قليلة استطعنا أن نفهمها من “ج” التي لا تعرف عمرها بالتحديد، فتجيب “يا 14 يا 15 يا 16 والله ما بعرف ويمكن 17”.

بعيون دامعة ونظرات منكسرة تجلس الفتاة “ج” في مكان بعيد عن الجميع وتراقب، خلال جلسة دعم نفسي قدمها فريق جمعية “نور” وجمعية “الشباب” في أحد مراكز الإيواء بمدينة جبلة، ما دفع ميسرة الجلسة لإجراء جلسة فردية خاصة معها، ليتبين، ما وصفته بـ “الكارثة”، التي وقعت أمامنا.

تعاني الفتاة “ج” من مشكلة ومعضلة قانونية كبيرة، جعلتها “محرومة”، بكل ما تعنيه كلمة “محروم” من معنى، من كل حقوقها، الفتاة لم حتى اللحظة لم يتم تسجيلها في النفوس، أي أنها بلا قيود، بمعنى أبسط هي بالنسبة للدولة شخص غير موجود، ما يعني أنها لم تتلق أي لقاح، ولم تتلق أي تعليم بأي من مرحلة، ونفسياً حرمت من مرحلة طفولتها كاملة.

بعد كارثة الزلزال الذي ضرب البلاد فجر 6 شباط، تتكشف قصص وكوارث جانبية، صداها هو بالفعل هزة ارتدادية قوية ضربت وتضرب المجتمع السوري، مشاكل قانونية عديدة، جديدة كمشكلة الأطفال الذي بقيوا من دون آهالي بعد وفاة ذويهم، وقديمة كما مشكلة الفتاة “ج”، وهذه المشاكل للأسف متكررة في البلاد ولكنها تأخذ منحى آخر اليوم.

تقول ميسرة الجلسة “لنتخيل فقط أحدنا في مكانها، لا تستطيع فعل أي شيء ومحرومة من كل حقوقها كافة، ما هو المستقبل الذي يتنظرها مثلاً، ما مقدار الضرر الذي ألحق بها جراء ما حصل معها، الحالة التي أمامنا نعرف عنها القليل فقط، وعادة ما تكون مقترنة هذه الحالات باعتداءات جنسية”، وتردف “يجب التدخل السريع مع الفتاة ليس فقط قانونيا، بل ونفسيا، عن طريق متخصصين، ويجب متابعة الحالة بشكل ضروري، مع كل الجهات ضمنا وزارة التربية لنستطيع ربما إدخالها عبر المنهاج “ب” الذي تقدمه الوزارة للمتسربين من المدارس”.

وتبين مديرة مركز الإيواء، الذي تشرف عليه الأمانةالسورية للتنمية، أن الفتاة لها أخوة أبواها سجلوهم بشكل طبيعي، باستثنائها، وحين علمنا بحالتنا تم سؤال والدها لماذا لم يتم تسجيلها حتى اللحظة، وكانت الإجابة “حاولت والله بس ما زبطت ولا مرة”، تضيف المديرة “إذا أردنا أن نأخذ بالاعتبار كل السيناريوهات فيجب أن نضع بحسباننا ألا تكون الفتاة ابنته، غير معروفة القصة لنا”.

وتعتبر الأمانة السورية للتنمية المخول الوحيد لتقديم أي خدمات من النوع القانوني للنازحين خلال الحرب، وامتد ذلك للمتضررين من الزلزال، إضافة إلى الهلال الأحمر العربي السوري الذي يحق له أيضا بالتعاون مع الأمانة أن يقدم بعضا من هذه الخدمات.

تودعنا الفتاة بابتسامة، رضى أو شكر أو يأس، لا أحد من الفريق يعرف، ولكن الجميع يعرف أننا أمام مشكلة، هي بالفعل كبيرة، ولكن قد تكون أكبر مما عرفنا، وتعيد القول لنا “بالله لا تنسوني، انتو دلوني شو أعمل لصير بمدرسة وأتعلم وأنا لحالي بروح مو مشكلة”.

يذكر أن جمعية نور للإغاثة والتنمية بالتعاون مع محافظة دمشق وجمعية الشباب الخيرية تعمل ضمن حملة الاستجابة الطارئة على مساعدة الأهالي المتضررين من الزلزال في محافظتي حلب واللاذقية.